السيرة الذاتية للفنانة فاطمة هراندي «راوية»
الاسم الكامل: فاطمة هراندي
الاسم الفني: راوية
سنة الميلاد: 1951
مكان الميلاد: مدينة أزمور – المغرب
المهنة: ممثلة مسرحية، سينمائية وتلفزيونية
بداية النشاط الفني: نهاية ستينيات القرن العشرين
الجوائز: جائزة أحسن ممثلة – المهرجان الوطني لمسرح الهواة
التكريمات: يتم تكريمها سنة 2025 في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش
النشأة والتكوين:
وُلدت راوية في مدينة أزمور الساحرة سنة 1951، وفي سنّ مبكرة انتقلت إلى الدار البيضاء لمتابعة دراستها بثانوية شوقي، وهناك ستقف لأول مرة على خشبة المسرح تحت إشراف الفنان الراحل مصطفى التومي. بعد ذلك توجّهت إلى الرباط حيث انضمت إلى فرقة المنصور للمسرح، وهناك أظهرت موهبتها بقوة، لتفوز بجائزة أفضل ممثلة في المهرجان الوطني لمسرح الهواة عن دورها في مسرحية الفاشلون.
ورغم هذا النجاح المبكر، واصلت راوية تعميق مهاراتها المسرحية على أيدي كبار رواد التمثيل المغربي، من بينهم الطيب الصديقي، أحمد الطيب العلج، فريد بنمبارك، عبد الصمد الكنفاوي. الأخير اختارها للانضمام إلى الفرقة الوطنية للمسرح، إحدى أهم الفرق في تاريخ المسرح المغربي.
المسار الفني:
من خلال أعمالها المسرحية، صنعت راوية لنفسها قاعدة جماهيرية متينة، بفضل قوة حضورها، وصوتها المميّز، وطريقة أدائها للأدوار القوية والشخصيات ذات الكاريزما.
وفي سنة 1978 ستفتح لها السينما أبوابها لأول مرة عبر فيلم كنوز الأطلس للمخرج محمد العبازي، الذي كان بمثابة بداية مسار سينمائي ناجح جعلها تشارك في عدد كبير من الأفلام المغربية البارزة.
اليوم، يتم تكريم فاطمة هراندي (راوية) في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش تقديراً لمسارها الطويل، ولعطائها الفني الذي امتد لعقود.
مقال طويل عن الفنانة فاطمة هراندي «راوية»
في المشهد الفني المغربي، قلما نجد أسماء استطاعت أن تفرض حضورها بقوة على مدى عقود، وأن تحافظ على تألقها رغم تغيّر الأجيال والظروف الفنية. ومن بين هذه الأسماء اللامعة، تبرز الفنانة فاطمة هراندي، المعروفة في الوسط الفني باسمها الذي رافقها منذ البداية: راوية. اسم اختُصر ليصبح علامة فنية مميزة، لا تحتاج إلى تقديم.
البدايات… حين صعدت الطفلة من أزمور إلى خشبة المسرح
وُلدت راوية سنة 1951 في مدينة أزمور، المدينة الهادئة التي تُعد منبعا للحكايات والتراث الشعبي. لكن الأقدار كانت تُحضّر لها مسارا فنيا يتجاوز حدود المدينة الصغيرة. انتقلت إلى الدار البيضاء لإكمال دراستها، وهناك، داخل ثانوية شوقي، ستعيش أول احتكاك لها بالمسرح، تحت إشراف الأستاذ والفنان الراحل مصطفى التومي. ذلك الاكتشاف المبكر لقدراتها التمثيلية جعلها ترتبط بالمسرح ارتباطا عميقاً، وتقرر أن الفن سيكون طريقها.
من الدار البيضاء إلى الرباط، ستدخل تجربة جديدة مع فرقة المنصور للمسرح، وهناك، وسط التمارين والعروض والورشات، ستنضج موهبتها أكثر، إلى أن تحصل على جائزة أحسن ممثلة في المهرجان الوطني لمسرح الهواة عن دورها في مسرحية الفاشلون. جائزة لم تكن مجرد شهادة نجاح، بل كانت اعترافاً بموهبة استثنائية بدأت تشق طريقها بثقة.
مدرسة الروّاد… حين تمرّ راوية من يد العمالقة
لم تتوقف راوية عند حدود الهواة أو عند جائزة واحدة. بل دخلت مرحلة جديدة من التكوين على أيدي كبار المسرحيين المغاربة، أمثال الطيب الصديقي وأحمد الطيب العلج، وهي أسماء لا يصقل موهبتها إلا من كان يستحق. هذا الاحتكاك المباشر بروّاد المسرح المغربي أعطاها قوة فنية وحضورا استثنائيا على الخشبة.
ثم جاء قرار المسرحي الكبير عبد الصمد الكنفاوي بضمها إلى الفرقة الوطنية للمسرح، إحدى أهم الفرق في تاريخ المسرح المغربي، لتشارك في عدد من العروض التي لا يزال الجمهور يتذكرها إلى اليوم. في تلك الفترة، صنعت راوية لنفسها شخصية مسرحية قوية، شجاعة، وذات كاريزما لافتة.
من المسرح إلى السينما… الانطلاقة الحقيقية سنة 1978
رغم نجاحها المسرحي، ستأتي الفرصة التي ستغير مسارها الفني سنة 1978، حين اختارها المخرج محمد العبازي للمشاركة في فيلم كنوز الأطلس. هذا العمل فتح لها أبواب السينما، لتصبح لاحقاً من أبرز الممثلات اللواتي يجمعن بين قوة الأداء وخبرة المسرح.
شاركت راوية في العديد من الأفلام التي شكلت جزءاً من تطور السينما المغربية، ولم تكن مجرد وجه يظهر على الشاشة، بل ممثلة تمنح الشخصية روحاً، وتعيد صياغتها بطريقتها الخاصة، حتى لو كانت ثانوية، فحضورها يكفي لخلق تأثير.
راوية… قوة شخصية تتحول إلى علامة فنية
عرف الجمهور راوية بأدوار المرأة القوية، الجريئة، وأحياناً الصارمة. وهذا يعود إلى طبيعة حضورها وكاريزمتها التي تجعل المشاهد يصدق كل كلمة تقولها.
لكن سر قوتها لا يكمن في الدور نفسه، بل في قدرتها على منح كل شخصية عمقاً إنسانياً، سواء كانت أمّاً، جارة، امرأة تقليدية، أو شخصية ذات سلطة.
وجيل كامل كبر على صوتها وحضورها
على مدى عقود، تواجدت راوية في السينما، التلفزيون، والمسرح، وظلّت جزءاً من ذاكرة الجمهور المغربي. فهناك أجيال شاهدتها تكبر معهم، وأخرى اكتشفتها عبر الأفلام الحديثة. لكنها ظلت دائما حاضرة، صلبة، ووفية لفنها.
تكريمها في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش… اعتراف مستحق
اليوم، بعد مسار طويل حافل بالعطاء، يتم تكريم الفنانة فاطمة هراندي «راوية» في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش سنة 2025. هذا التكريم ليس مجرد احتفاء باسم فني، بل هو اعتراف بتاريخ كامل، لامرأة آمنت بالفن، واشتغلت بجد، وتجاوزت كل المراحل الصعبة لتحجز لها مكاناً بين كبار الممثلين المغاربة.
إن تكريمها هو تكريم لجيل كامل صنع السينما والمسرح المغربيين، وجعل الفن جزءاً من تاريخنا الثقافي.
تظل فاطمة هراندي «راوية» إحدى أهم الوجوه الفنية في المغرب. ممثلة تمتلك قوة داخلية، وشخصية استثنائية، ومسارا حافلاً يجعلها قدوة لكل ممثل شاب.
إنها امرأة صُنعت من المسرح، وشُهد لها في السينما، وظلّ اسمها علامة فارقة في التلفزيون.
وبين الماضي والحاضر، تبقى راوية، كما عرفها الجمهور، فنانة بحجم التاريخ.

