موسم سيدي احمد أولمغني الشهير بموسم الخطوبة بين الشكل والجوهر.
باسو اوجبور
يصادف موسم أكدود سيدي احمد اولمغني الشهير بموسم الخطوبة ومهرجان موسيقى الاعالي هذا العام أيام 22، 23 و 24 من الشهر الجاري شتنبر 2022، هذا الموسم العريق الذي يقام على ضريح ولي صالح عازب سيدي احمد أولمغني الذي نهره والده سيدي المغني دفين قرية اقديم عن اختلاط الناس ودعاه إلى الاقتداء به واختيار الزهد والخلوة بعيداً عن الناس حسب رواية شفوية لشيوخ كبار السن. ولكن فضل الولي العازب التدخل بالصلح بين الناس حتى أصيب بمرض معدي فتُرك وحيداً حتى مات ودفن وحيداً. ومن كراماته أنه لوحظ وميض على قبره فنقلت القبيلة جثمانه إلى مقبرة القرية وأقامت عليه ضريحاً يليق بمقامه ومكانته الدينية، وكذلك دوره في التدخل بالصلح بين الناس قيد حياته تقول رواية شفوية للشيوخ والمسنين. ومنذ مايقارب أربعة قرون يقصده الزوار للتبرك قبل أن أقيم عليه في ما بعد موسم ديني واقتصادي واجتماعي وثقافي، صار مقصداً لمختلف القبائل التي تأتي من جل مناطق المغرب لعرض وبيع المنتجات واقتناء المشتريات المتنوعة، وكذلك لتجديد لاتفاقيات العرفية وتجديد أواصر الصداقات والتحالفات بين القبائل. وتختار القبيلة أواخر شهر شتنبر من كل سنة لإقامة هذا الموسم لاعتبارات أولها تأخر موسم الحصاد بالمنطقة نتيجة برودة الطقس بفعل مستوى العلو بحوالي 2300 عن سطح البحر، وكذلك تسمين الخرفان وجمع النساء لكمية من السمن البلدي الذي يدخل بشكل أساسي في الوجبات والأكلات المحلية. يتزامن ذلك مع فترة تعرف إقامة الأعراس بالقرى المجاورة فيضطر بعض العرسان مع غياب العدول والقاضي المقيم بالمنطقة آنذاك لانتظار هذه المناسبة لعقد قرانهم حتى بات الموسم يُعرف بالخطوبة أكثر من الولي الصالح سيدي احمد أولمغني.
بعد وصف الإعلام للموسم بالخطوبة تم التعريف به وتسويقه سياحياً والترويج لفكرة الزواج وأسطورة بحيرتي " إزلي" إسلي و "تيزليت" تيسليت بمعنى العريس والعروس مما يجلب للمناسبة الكثير من السياح. ومن ثقافة أيت حديدو أنهم يشترطون الوفاء والإخلاص والإحترام مع مهر رمزي فقط، يرى الأباء والأمهات اشتراط مبالغ مالية في المهر عبارة الرقيق وبيع الفتيات، بل حتى في الخطوبة تقدم هدايا بسيطة تحمل في دلالاتها رمزية كبيرة. هدية الخطوبة عبارة سكر تعبيراً عن المحبة والصفاء، الصابون رمز الطهارة، الحناء للتعبير عن الحنان، والتمر تعبيراً عن الحلاوة والصبر. سوء فهم ثقافة المنطقة وتقاليد الزواج جعل ثلة من الصحفيين يروجون لأكذوبة موسم بيع النساء حتى بات السذج يبحثون عن كواعب أتراباً مقابل مائة درهم. هذه الإشاعة تعرض طالبات وطلبة المنطقة للتنمُّر في مختلف الجامعات الوطنية. الكثير من عمال البناء من أبناء المنطقة في أوراش مختلف المدن أيضاً يتعرضون للسخرية والاستهزاء حتى بات سكان المنطقة يرفضون ويستنكرون باستغراب شديد كل من يصف موسم سيدي احمد أولمغني بموسم الخطوبة!
, بدأ شباب المنطقة يقاطعون الموسم وجل السكان يشعرون بسخط كبير حتى سنة 2000 فتدخلت جمعية أخيام المحلية التي يوجد مقرها بقصر أكدال فنظمت المهرجان وفق ما يرضي السكان لسنوات متتالية قبل أن دخل مركز طارق ابن زياد على الخط سنة 2004 لتنظيم الموسم تحت عنوان مهرجان موسيقى الأعالي لسنوات. بعد التقسيم الجديد وإدخال إملشيل تحت نفوذ عمالة ميدلت عاد إسم موسم الخطوبة من جديد وعادت معه بعض الحزازات والاحتقان الشبابي. دورة هذه السنة تصادف أيام 22، 23 و 24 من شهر شتنبر الجاري 2022. هذه الدورة عرفت إقبالاً كبيراً منقطع النظير، وقد امتلأت جميع المأوي والفنادق عن آخرها وامتلأت بيوت السكان بالضيوف والزوار. جل التجار منشرحون لحجم الرواج الاقتصادي الذي عرفه الموسم الحالي، الكسابة أيضاً يعبِّرون عن فرحتهم بتسويق المواشي والدواب. سوق الإبل عرف أيضاً رواجاً كبيراً وبيعت النوق والبعير إلى جميع مناطق الصحراء، سواءً الشرقية والجنوبية. كل المنتجات والصناعات والمنسوجات عرفت رواجاً مهماً مما جعل دورة هذا العام تحطم الرقم القياسي على غير عادة الدورات الماضية. السهرات أيضاً بالمنصتين، منصتي الموسم ومنصة مركز إملشيل تنشطها مجموعات موسيقية وفلكلورية القادمة من مختلف مناطق المغرب، وقد تجاوب الجمهور مع الفرق الفنية التي تحيى السهرات الفنية بعد تعطش كبير للمواسم والمهرجانات.